هموم واهتمامات

الأحد، أكتوبر 21، 2012

في ذكري ثورة اكتوبر 1964 ـ ثورات موؤدة وأخري خديج

 

تمر اليوم الذكري الثامنة والأربعون لثورة اكتوبر المجيدة وهو اليوم الذي هب فيه الشعب السوداني وأقتلع الحكم العسكري للفريق إبراهيم عبود والذي كان قد استلم الحكم بعد إنقلابه علي أول نظام حكم  وطني بعد الإستقلال والذي كان نظاماً ديموقراطياً برلمانياً.

إنطلقت شرارة ثورة اكتوبر 1964 من جامعة الخرطوم ثم عمت كل الوطن وشارك فيها الشعب بكافة تياراته وفئاته بالعاصمة وسائر مدن السودان الكبيرة منها والصغيرة وكان إنحياز الجيش للشعب له الأثر الواضح في إرغام الطغمة الحاكمة للتنازل عن السلطة وبالتالي في نجاح الثورة. خلال الثورة والتي إستمرت لنحو اسبوعين تم تكوين ما سمي حينها بجبهة الهيئات والتي ضمت طيفاً واسعاً من الأحزاب السياسية والنقابات والإتحادات المهنية وهي التي قادت التحول الديموقراطي حتي مرحلة إعادة تأسيس النظام البرلماني والذي إستمر لست سنوات حيث أطاح به إنقلاب مايو 1969 بقيادة العقيد جعفرمحمد نميري.  إستمر نظام النميري لمدة ستة عشر عاماً تقلب خلالها من أقصي اليسار الي أقصي اليمين حتي إقتلعه الشعب السوداني في هبة مشابهة عام 1985 وأسس نظاماً برلمانياً مرة أخري هي الثالثة منذ الإستقلال. هذا النظام البرلماني الأخير إستمر أربعة سنوات حتي أطاح به العميد عمر حسن أحمد البشير في يونيو 1989م في ما سمي بالإنقاذ وهو الذي تمدد حتي هذا اليوم.

لم تكن الإنقلابات العسكرية التي أعترضت المسار الديمقراطي في تاريخ السودان هي الوحيدة بل هنالك سلسلة طويلة من المحاولات التي لم يكتب لها النجاح باستلام السلطة ويلاحظ أن هذه الإنقلابات الفاشلة كلها وبلا استثناء ضد انظمة إنقلابيه كما يلاحظ أن جل منفذيها تم إعدامهم.

يختزل بعض الكتاب السياسيون تأريخ السودان منذ الإستقلال وحتي اليوم الي مجرد دائرة مفرغة لتقاذف السلطة بين العسكريين والمدنيين ولكن القراءة الفاحصة وغير المتعجلة للتأريخ تكشف عن الحقيقة المؤلمة بأن قادة الأحزاب السياسية وليس العسكريون هم من كانوا وراء كل هذه الإنقلابات علي الديمقراطية وأنه لا يكاد يوجد حزب سياسي واحد لم يشترك أو يحدث نفسه بالإشتراك في جريمة زج الجيش في الصراع حول السلطة.  هذه الحقيقة المرة تشكل فقط ما يطفوا من جبل الجليد لواقع اشد مرارة الا وهو واقع النخبة السوادنية والتي تنقسم الي شطر شديد السلبية لدرجة الموات وآخر نشط سياسياً ولكنه موبؤ حتي النخاع بأدواء الأنانية والإقصاء وضيق الأفق.  هذا الشطر الأخير و الذي يتوزع علي الأحزاب السياسية كلها هو ما يظل يقدم كل عروض الرقص السياسي المستهتر لمايزيد عن ستين عاماً مضت مستغلاً خدر وغيبوبة وأحياناً جبن الأغلبية الصامتة.

لاغرو فإن ثورات الشعب في أكتوبر 1964 و أبريل 1985 وهي ثورات لم تولد خديجاً مثل بعض ثورات الربيع العربي ولكنها أيضاًلم تعش طويلاً ـ ليس بفعل أمراض الطفولة ـ ولكن للأسف بوأد الآباء النخبويون لما تمخضت عنه هذه الثورات من إنجاز للتحول الديمقراطي.  ففي كلٍ من ثورة 21 اكتوبر 1964 وثورة 6 ابريل 1985 فإن الشعب السوداني قد أبدي عبقرية فذة في الإزاحة التامة للأنظمة التي أبتها نفسه دون عقابيل أو بقايا ثورة مضادة تهدد بالإرتداد كما أنجز الإنتقال الي الإنتخابات البرلمانية في سلاسة وتناغم غير أن الحكومات والمعارضات المنتخبة لم تكن لتبدي شيئاً من قبيل الإحتفاظ بديمقراطية هي لاتؤمن بها في الصميم بل ترفع جعيرتها بها في وجه من نزع عنها السلطة غصباً أو تواطواً.

ولا غرو أن تمر ذكري ثورة اكتوبر بلا إحتفاء. 

 

Posted via email from smdirar's posterous

الأحد، فبراير 06، 2011

هل سيلعب النظام المصري بورقة المهدد الخارجي لوأد الثورة

 

يومان وتكمل الثورة الشعبية في مصر إسبوعها الثاني وهي لا تتزحزح عن هــــدفها المعلن وهو الإقتلاع الكامل لنظام مبارك وإستبداله بنظام جديد يقوم علي مبادئ اليمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الإجتماعية.

من ناحية أخري فإن النظام لم يقم بأي خطوة جدية تحو التغيير المنشود أو بناء قدر معقول من المصداقية يعضد الوعود بتحقيق مطالب الثوار وإن كان يقدم بعض التنازلات الشكلية والتي يحرص علي بثها خلال ذروة مشاهدة التلفزيون القومي مساءاً وما إن ينقشع النهار حتي يفصح عن إفعال تكشف عن إصراره لوأد الثورة في مهدها ولهذه الغاية لعب النظام بكثير من الأوراق بعضها عاطفي وبعضها سياسي وجلها أمني يمس أمن مصر ومقدراتها الإقتصادية والتأريخيةغير أن كافة نصاله  تكسرت إمام اصرار الثوار وإستعدادهم لمزيد من االتضحيات وذكائهم الحاد بعدم الإستجابة لكافة محاولات الإلتفاف حول مطالبهم.

  يعرف عن الشعب المصري ميله الشديد للتضامن والتعاضد بين كافة مكوناته وإستبساله لصد   أي مهدد خارجي لكيانه الوطني. الآن والنظام المصري تضيق عليه الحلقات هل يا تري سيسخدم ورقة التهديد الخارجي لتضمن له عودة للحياة كالسلمند من تحت النار وذلك بإفتعال مهدد خارجي.

 لنستعرض الدول المجاورة لمصر ونقيم إحتمال إشتراكها مع النظام المصري في مثل هذه اللعبة من نواحي (1) علاقتها بمبارك ونظامه (2) موقفها من التحول الديموقراطي عموماً وفي مصر خاصة (3) وجود مبرر كاف للتهديد المفتعل (4) مقدرة الدولة المشتركة في إفتعال الإعتداء علي تحمل تبعات اللعبة.

أولاً: إسرائيل وعلاقتها بمبارك ونظامه تعتبر مثالية بالنسبة لأمنها ومطامحها في تصفية القضية الفلسطينية بحيث يصعب أن تجد بديلاً يضاهيه أما بالنسبة لموقف إسرائيل من التحول الديمقراطي ليس في مصر وحدها بل في كافة الشرق الأوسط فقد أعلنته بوضوح سافر علي لسان رئيس وزرائها بنامين نتياهو خلال الأيام السابقة ثم وبصورة أكثر عرياً علي لسان رئيس جهار مخابراتها (الموساد) في مقابلته المطولة مع القناة الفرنسية الناطقة بالإنجليزية (France 24) عشية جمعة الرحيل حيث قال ان التجارب أثبتت عدم تمكننا من التعامل (تقرأ السيطرة والإحتواء) علي الأنظمة الديموقراطية في الشرق الأوسط (مشيراً الي لبنان ) بينما هي تتسم بالتفهم والسلاسة مع الأنظمة غير الديموقراطية )إستخدم كلمة  Monarchs  الإنجليزية ).

من ناحية المبرر لافتعال المهزلة فقد تكون الإلتفاف لتطويق غزة أو ربما صد إعتداء وهمي من سيناء.

بالنسبة لإسرائيل ـ لاسمح الله ـ لو تمت هذه اللعبة وصادفت انجاز التحول الديموقراطي فإنها ستتحول الي إعتداء حقيقي للضغط علي النظام الجديد وخاصة الجيش المصري.

من ناحية تحمل التبعات داخلياً فلن يؤثر كثيراً علي حكومة نتنياهو الحالية في حالتي الإعتداء والتراحع أما خارجياً فإن غسرائيل اساساً معفاة من أي تبعات من قبل المجتمع الدولي وإن كانت صورتها ستزداد سوءاً امام الراي العام والذي يبدو أنها لا تأبه له كثيراً.

ثانياً : ليبيا والسودان

كليهما ييحتفظ حالياً علاقة حسنة مع مبارك ونظامه شابتها بعض التوتر في فترات سابقة. بالنسبة للنظام الليبي فإن الديموقراطية التعددية تعتبر رجس من عمل الشيطان الأسفيري إجتنابه واجب علي كل عاقل ولم يخفي الرئيس الليبي تذمره من الثورتين التونسية والمصرية علي حد سواء. بالنسبة للنظام السوداني فإن التحول الي الديمواطية كاملة الدسم سيشكل عليه ضغطاً شديداً إذ سيذكي أوار الصراع الموجود أساساً بينه وبين أحزاب المعارضة والقوي الحديثة.

ليبيا تفتقر الي أي مبرر علي أرض الواقع للإعتداء المفتعل ولكن العقيد لا تنقصه خصوبة الخيال والحركات المباغتة ولو بحجة حماية الأمن والإستقرار في أرض الكنانة. النظام السوداني لديه حلايب و مسألة إستعادتها ربما تصلح لهذه الغاية.

أما من ناحية تحمل التبعات فإن الوضع الداخلي لايسمح للنظام في السودان بالخوض في مغامرة كهذه في أقصي شماله وقد فقد للتو كل جنوبه. خارجياً فإن السودان قد يتخوف من أن تتخذ الولايات المتحدة هذا الأمر ذريعة للتنصل من كافة وعودها للنظام لما بعد إتمام الإنفصال السلس للجنوب.

بالنسبة للنظام الليبي فلا توجد ضغوط داخلية ولكنه منذ امد بعيد اعلن توبته النصوح عن أي فعل يجر له التصادم مع المجتمع الدولي والراي العام.

ثالثا: غزة  واللعبة هنا قد تختلف بعض الشئ إذ ربما يكون الإفتعال برمته مركباً لاستبعاد دخول حماس في الصورة.

واخيراً فإنني اعترف إن السيناريوهات اعلاه كلها من سوء ظني بالنظام المصري ولو شاء هذا النظام أن تتطابق حقيقته مع سوء ظني فإنني انصحه بالأتي:ـ

1.    أن يسارع بإخراج اللعبة خلال الثمانية واربعين ساعة القادمة. 

2.    أن يقود الرئيس محمد حسني مبارك بنفسة بصد العدوان الجائر 

 

وأخيراً حمي الله مصر من كل اعدائها ونصر شعبها وأعناهم علي ما بذلوا فيه الدم والشهداء.

 

 

Posted via email from smdirar's posterous

المتابعون